مقال: أفريقيا بحاجة الى منتدي إقتصادي خاص بها واثيوبيا مستعدة للقيادة

 بقلم: بلين مامو

أديس أبابا، 22 أبريل 2025 (إينا) - تمثل استقالة كلاوس سشواب مؤخرا من منصبه كرئيس للمنتدى الاقتصادي العالمي إغلاق فصل مهم في الحوكمة العالمية. منذ أكثر من خمسين عاما، ترأس شواب المنتدى الاقتصادي العالمي، واضعا إياه كتجمع للنخب الملتزمة بتشكيل نظام اقتصادي عالمي أكثر تماسكا. وتحت قيادة سشواب، دافع المنتدى عن مفهوم "رأسمالية أصحاب المصلحة"، داعياً إلى نظام يدمج المسؤولية الاجتماعية ضمن ديناميكيات السوق. ومع ذلك، وبينما يواجه العالم تفتتا متزايدا، ومع تراجع شرعية الحلول التكنوقراطية من أعلى إلى أسفل، فإن رحيل سشواب يفتح فصلا جديدا في المشهد الاقتصادي العالمي. والسؤال الآن هو: ما الذي سيحل محل المنتدى الاقتصادي العالمي في هذا العصر الجديد، وكيف ستتمكن أفريقيا، التي ظلت لفترة طويلة على هامش هذه المناقشات، من تأكيد صوتها على الساحة العالمية؟

إن التهميش المستمر لأفريقيا من المناقشات الاقتصادية العالمية الرئيسية يؤكد الحاجة الملحة إلى أن تنشئ القارة منتدى خاص بها للحوار، منتدى يتحدث بشكل مباشر عن تحدياتها وفرصها وتطلعاتها الفريدة. لقد كان غياب صوت أفريقي قوي في منصات مثل دافوس مصدرا للإحباط منذ فترة طويلة، حيث يتم تناول مخاوف أفريقيا في كثير من الأحيان من منظور خارجي وليس في سياق الحقائق المعيشية للقارة. ومع استقالة شواب والنظام العالمي المتطور، أصبحت أفريقيا تقف الآن عند مفترق طرق، وهي على استعداد لخلق مساحة حيث لا يتم الاعتراف بمصالحها فحسب، بل يتم تشكيلها بنشاط من قبل قياداتها.

وفي طليعة هذا التحول تقف إثيوبيا، وهي دولة ذات أهمية تاريخية وزخم معاصر يؤهلها بشكل فريد لقيادة مثل هذه المبادرة. باعتبارها الدولة المضيفة لمقر الاتحاد الأفريقي، لعبت إثيوبيا منذ فترة طويلة دورًا محوريًا في الدبلوماسية الأفريقية والتعاون الإقليمي. إن هذه العاصمة الدبلوماسية، إلى جانب التسهيلات النشطة التي تقدمها إثيوبيا لمبادرات السلام والتنمية في مختلف أنحاء القارة، تجعل البلاد مرشحة مثالية لقيادة المنتدى الاقتصادي الأفريقي. وترتكز قيادة إثيوبيا على التزامها بالوحدة الأفريقية، ونفوذها الاقتصادي المتنامي، وأهميتها الاستراتيجية في الشؤون العالمية.

ومن الناحية الاقتصادية، كان صعود إثيوبيا على مدى العقدين الماضيين مذهلا إلى حد كبير. مع معدل نمو متوسط ​​بلغ 10.5% منذ عام 2004، برزت إثيوبيا كواحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا، مدفوعة بالاستثمارات في البنية التحتية والتصنيع والزراعة. ولم يساهم هذا النمو السريع في تعزيز الاقتصاد المحلي لإثيوبيا فحسب، بل وضع البلاد أيضًا كنموذج للتنمية في القارة. ومع ذلك، فإن رؤية إثيوبيا تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد التوسع الاقتصادي، فهي تسعى إلى دمج النمو المستدام في استراتيجيتها التنموية، مع التركيز على الحاجة إلى المرونة في مواجهة تغير المناخ والمسؤولية البيئية إلى جانب التقدم الاقتصادي.

ومن الجدير بالذكر بشكل خاص التزام إثيوبيا بالاستدامة. لقد أعطت الدولة الأولوية للطاقة المتجددة والزراعة المستدامة وإعادة التحريج على نطاق واسع، مما جعلها رائدة في مبادرات البصمة الخضراء. وتتماشى هذه الجهود مع الأهداف الأوسع لأفريقيا المتمثلة في مكافحة تغير المناخ وضمان الأمن الغذائي، مما يضع إثيوبيا كلاعب رئيسي في سعي القارة لتحقيق النمو الاقتصادي والاهتمام بالبيئة. إن نموذج النمو في إثيوبيا هو نموذج يوازن بين الطموح الاقتصادي والوعي البيئي، وهو النهج الذي يمكن أن يكون بمثابة نموذج لدول أفريقية أخرى تسعى إلى التغلب على التحديين المزدوجين المتمثلين في التنمية والاستدامة.

وفي هذا السياق، من شأن المنتدى الاقتصادي الأفريقي، بقيادة إثيوبيا، أن يوفر منصة ضرورية للغاية لمعالجة التحديات التي تواجه القارة على نحو فشلت المنتديات العالمية مثل دافوس في تحقيقه. ورغم أن المنتدى الاقتصادي العالمي جمع تاريخيا النخب العالمية لمناقشة قضايا تتراوح من التجارة إلى الابتكار، فإنه كثيرا ما تعرض لانتقادات بسبب افتقاره إلى التركيز على الحقائق التي تواجهها بلدان الجنوب العالمي. إن المنتدى الذي تقوده أفريقيا من شأنه أن يسمح للقادة الأفارقة وصناع السياسات ورجال الأعمال بالتواصل بشكل مباشر مع بعضهم البعض ومع المجتمع الدولي الأوسع بشأن قضايا مثل التصنيع والتكامل الإقليمي وخلق فرص العمل والقدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ. إن هذا المنتدى لن يعمل على تعزيز صوت أفريقيا فحسب، بل سيوفر أيضًا مساحة ملموسة للتوصل إلى حلول تعاونية للتحديات الملحة التي تواجه القارة.

إن انضمام إثيوبيا مؤخرا إلى مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة يعزز موقفها لقيادة مثل هذا المنتدى. إن مجموعة البريكس، التي تمثل تحالفاً من الدول التي تتحدى النظام الاقتصادي العالمي التقليدي، توفر لإثيوبيا فرصة لربط المخاوف الأفريقية بالمناقشات العالمية الأوسع نطاقاً حول الحوكمة الاقتصادية. وكجزء من هذا التكتل، تستطيع إثيوبيا تعزيز التعاون الأعمق مع الاقتصادات الناشئة الأخرى، والدعوة إلى نموذج اقتصادي يعكس احتياجات وتطلعات بلدان الجنوب العالمي. 

إن انضمام إثيوبيا إلى مجموعة البريكس ليس مجرد إنجاز دبلوماسي، بل هو منصة استراتيجية للتأثير على الاتجاه المستقبلي للحوكمة الاقتصادية العالمية.

لقد حان الوقت لأفريقيا لإنشاء منتداها الاقتصادي الخاص. ويشكل رحيل شواب نهاية حقبة، والعالم الآن عند مفترق طرق حيث أصبحت هناك حاجة إلى نماذج جديدة من التعددية والتعاون. إن المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي كان في يوم من الأيام المنصة الحاسمة للحوار الاقتصادي العالمي، يواجه الآن أسئلة تتعلق بمدى أهميته في عالم سريع التغير. مع تزايد تجزئة المشهد العالمي، أصبحت الحاجة إلى نهج أكثر شمولاً ولامركزية للحوكمة الاقتصادية أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. وفي هذه البيئة، تتاح لإثيوبيا الفرصة لقيادة إنشاء منتدى يعكس الحقائق والأولويات والإمكانات المتنوعة لأفريقيا.

إن المنتدى الاقتصادي الأفريقي من شأنه أن يكون بمثابة مساحة حيث يتم تحديد مستقبل أفريقيا الاقتصادي من قبل الأفارقة أنفسهم، حيث يمكن للقارة أن تؤكد على قدرتها وتلعب دورا محوريا في تشكيل السرد الاقتصادي العالمي. إن هذه المبادرة لن تسمح لأفريقيا بتحديد مسار التنمية الخاص بها فحسب، بل ستوفر أيضًا منتدى للدول الأفريقية للتعاون في إيجاد حلول مستدامة وعادلة. ومن خلال إنشاء منصة للحوار والتعاون بين القارات، تستطيع إثيوبيا تعزيز التكامل الاقتصادي الأقوى في مختلف أنحاء أفريقيا، مما يدفع القارة نحو مزيد من الوحدة الإقليمية والازدهار.

وفي أعقاب استقالة سشواب والتحولات في ديناميكيات القوة العالمية، حانت اللحظة المناسبة لأفريقيا لتأخذ مكانها الصحيح على الطاولة العالمية. ومع استعداد إثيوبيا لقيادة هذه المهمة، فإن إنشاء المنتدى الاقتصادي الأفريقي يوفر للقارة فرصة الخروج من ظلال المنصات التي يقودها النخبة إلى دائرة الضوء في القيادة الاقتصادية العالمية. لقد حان الوقت لسماع صوت أفريقيا، ليس كمشارك سلبي ولكن كمهندس رئيسي للنظام العالمي المستقبلي. وتتمتع إثيوبيا، بخبرتها الدبلوماسية ونموها الاقتصادي والتزامها بالاستدامة، بمكانة فريدة تسمح لها بقيادة القارة إلى هذا العصر الجديد. والسؤال الآن ليس ما إذا كانت أفريقيا سوف تنهض أم لا، بل متى، وتحت قيادة من. إن إثيوبيا مستعدة لتولي زمام الأمور، والآن حان الوقت لأفريقيا لتحديد مستقبلها بشروطها الخاصة.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

بلين مامو

تشغل حاليًا منصب مدير مؤسسة هورن ريفيو، وهي مؤسسة بحثية مستقلة رائدة مقرها أديس أبابا، إثيوبيا.

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023